أحيانا لا يسترعي انتباهنا الحزن الذي يصيب أطفالنا، والخمول الذي يستولي عليهم أثناء الدراسة، علما منا أن الاكتئاب بعيد كل البعد عنهم لصغر سنهم، دونما وعي منا أن الاكتئاب قد يصيبهم كذلك، ما يستدعي تدخل الطبيب لمعالجتهم، قبل أن تتطور الحالة إلى مرض نفسي.
ما هو الاكتئاب وما الأسباب التي تؤدي إليه؟
يمكن اعتبار الاكتئاب المرض الأول في العالم من الناحية النفسية والعضوية، وعندما نقول اكتئاب فلا يعني ذلك أن الإنسان مصاب بخلل عقلي، بحيث كل إنسان معرض للإصابة بهذا المرض، بل إنه في تزايد مستمر نتيجة للمشاكل الاجتماعية والنفسية والعملية والمادية، كما يمكن أن تكون عبارة عن عوامل وراثية.. لهذا من الضروري اللجوء إلى العلاج وعدم الاستهانة به.
الكثير من الأسر تشتكي من ظهور هذه العلامات على أطفالهم، فهل الأطفال فعلا معرضون للاكتئاب؟
الطفل معرض لهذا المرض، حتى في سن مبكر، فالأطفال أكثر الناس حساسية وأكثرهم تعرضا للاكتئاب، وينتج الاكتئاب عند الطفل نتيجة سوء معاملة الأب أو الأم أو المدرسون أو تعرضه للتحرش الجنسي أو الاغتصاب، أو عدم الاهتمام به من طرف أبويه أو الطلاق أو الصراع بين الوالدين.. والطفل المهمل والذي لا يمنح الاهتمام يكون لقمة سائغة لهذا المرض، ما يولد لديه الإحساس بالإهانة، وهذا الشعور يؤثر سلبا على المحصول الدراسي كما يجعل الطفل يعاني من اضطرابات في الأكل والنوم والخوف.
كيف يبدأ الاكتئاب مع الطفل؟
إذا كان طفلك يعاني من الحزن والشعور الدائم به في كل تفاصيل حياته، وتجدينه دائما لا يستمتع بالأشياء الحلوة.. وهذا الأمر لا يكون لفترات متباعدة، بل يستمر هذا الشعور لديه لفترة طويلة من الزمن، عند فقد شخص عزيز على نفس طفلك، أو لوجود مشكلة بالمنزل استمرت لفترة طويلة من الزمن بما فيها: العنف، الطلاق، إدمان الكحوليات أو العقاقير، أو إهماله، أو التعرض لحوادث، كما أن الوراثة لها عامل كبير... ومن هنا يمكن أن يطلق على طفلك أنه كئيب أو مكتئب.
كيف تعرفين أن ابنك مكتئب؟
لا تختلف أعراض الاكتئاب وعلاماته عند الطفل عن الشخص البالغ، مثل الشعور بعدم اللامبالاة، والشعور بفقدان الأمل وعدم التطلع للمستقبل، أو بالذنب التقليل من النفس، أو الوحدة وعدم حب الآخرين له، والتشاؤم وعدم الاستمتاع بالحياة، وشرود الذهن وعدم التركيز في الواجبات والأعمال المدرسية، أو الشعور بعدم التركيز عند مشاهدة التليفزيون أو قراءة كتاب أو مجلة وعدم تذكر الشيء الذي شاهده أو قرأه، والتعب وفقدان الطاقة معظم الوقت، والشعور بالنعاس والنوم لفترات طويلة لكن متقطعة غير كافية، وبفقدان الشهية وبالتالي فقد الوزن، أو بفرط الشهية وزيادة الوزن.
وإذا كان طفلك يشعر بالحاجة للوحدة والبقاء بعيدا عن الأشخاص، أو بالرغبة في البكاء في أي وقت وبدون سبب، أو عدم الراحة )عدم القدرة على الجلوس أو الاسترخاء(، ويشتكي من اضطرابات في الجسم مثل شعور بمغص أو صداع أو آلام في الصدر، فهو حتما مصاب بالاكتئاب، وعليك استشارة الطبيب كي لا يتفاقم الأمر.
كيف تقين طفلك من الاكتئاب؟
من خلال التفصيل المسبق للأسباب المؤدية إلى الاكتئاب لدى الأطفال، يمكننا أن نتقيه باتقاء أسبابه، وذلك من خلال تجنب اللوم المبالغ فيه والتعنيف الزائد عن حده، وعدم كبت مشاعر الطفل، بل يحبذ تقبل كل ما يبدر منهم بكل اهتمام، ويجب تجنب الاستخفاف أو الاستهزاء بهم، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن مشاعرهم ومخاوفهم وأحاسيسهم، وخاصة عند الشعور بالعجز أو الضعف، وكذا تشجيع الطفل على التصرف الإيجابي الصحيح وتعزيزه لديه ومكافأته، وتوجيهه إلى أعمال يحرز فيها نجاحات ملموسة، مما يعزز الثقة بنفسه.
كما يجب تجنب سلوكيات التذمر والإحباط والخوف من قبل الوالدين أمام الطفل لأنه سيكتسب هذه السلوكيات منهم.
والأهم هو ملاحظة سلوك الطفل، ووجود أي تغيرات فيه، كتغير روتين حياته ونشاطه اليومي، أو تأخره في التحصيل الدراسي أو أي مؤشرات أخرى قد تدل على احتمال حدوث اكتئاب لدى الطفل، والمسارعة لاستشارة المختص إن وجدت.
النصائح التي يقدمها لآخصائيون للآباء من أجل حمايتهم من هذا القاتل البطيء؟
إن أعراض الأبناء هي أعراض الآباء، لذلك ينصح الأخصائيون الآباء بضرورة احترام أبنائهم وتجنب سوء معاملتهم، وعدم ضربهم وشتمهم أو إهانة شخصيتهم، كما يجب تجنب الصراعات بين الزوجين، وعدم ضرب الأم، لأن إهانة الأم هي إهانة للطفل، كما يجب على الآباء علاج أنفسهم إذا كانوا يعانون من الاكتئاب أو أي مرض نفسي، لأن ذلك يؤثر على نفسية الأبناء.
نوال القصيبي
0 تعليقات