أنجز فريق فلسطيني مكون من 5 أشخاص خريطة تفصيلية لفلسطين ومدنها وتضاريسها بعد سنوات من العمل والجهد لإخراجها بالشكل النهائي، ويضم الفريق الزوجين المصمم الفلسطيني عمر زغلول والفنانة التشكيلية ايمان ابو عرة بالإضافة الى أحمد درويش وعمر عاصي ومسلم عرفات.
وقالت الفنانة التشكيلية الفلسطينية إيمان أبو عرة -التي رسمت الخريطة بمشاركة زوجها عمر زغلول- إن الخريطة هي مجهود شخصي للفريق، حيث بدأ العمل عليها عام 2017 وانتهت قبل شهر.
وعن مراحل رسم الخريطة التي هي فكرة الشاب الفلسطيني عمر أبو عاصي، تقول الفنانة التشكيلية إيمان “في البداية رسمنا الخريطة بالشكل البسيط المعروف، وتم توزيع المدن عليها حسب المكان الأصلي، وكان عددها حينها 11 مدينة، وفي عام 2019 تمت إضافة 8 مدن جديدة”. وأضافت “بعد ذلك قمت برسم كل مدينة على حدة بحيث نوضح أهم المعالم التاريخية والثقافية التي تدل على هوية المدينة والتفاصيل المعمارية فيها، وكذلك يتم تطبيق نفس الخطوات على كل المدن الفلسطينية، وفي النهاية يتم تجميعها داخل الخريطة”. وتضمنت الخريطة معالم بارزة تميز كل مدينة في فلسطين على غرار المسجد الأقصى، ومعالم متحركة كعربة كعك القدس لما لها من رمزية، والعين وكنيسة البشارة في الناصرة، ومئذنة المسجد الأبيض في الرملة، وقطف العنب في الخليل
وأضافت الفنانة التشكيلية ايمان أن “هذا العمل تمت صناعته بشكل يشابه الحلم من خلال السماح للمشاهد برؤية العمل والإبحار به والتجول فيه بشكل غير واعٍ، وأن يتنقل من مدينة إلى أخرى من الجنوب حتى الشمال من الشرق إلى الغرب، وإضافة لمسة سحرية تجعل المشاهد غير قادر على الخروج من العمل”. وحول الهدف من تقديم الخريطة بهذا الشكل، تقول أبو عرة إنها بمثابة تحقيق حلم لكل طفل وبالغ فلسطيني في الحصول على خريطة فلسطين واضحة المعالم والمدن كما لم يسبق أن يروها من قبل.
تفاعلات مختارة وتداول ناشطون فلسطينيون صورة خريطة فلسطين على نطاق واسع، وسط إشادة بفريق العمل وشكل الخريطة الملهم والمفصل، مؤكدين أن هذا أجمل إنجاز يقدم لفلسطين ويستحق التقدير.
“نضع بين يديكم خريطة فلسطين التعليمية لتكون مشاعاً ابداعياً لفلسطين” بهذه الجملة عبرت مجموعة من الشباب الفلسطيني الناشط الذين عملوا لسنوات من أجل إتاحة خريطة فنية لفلسطين التاريخية تقدم المدن والمناخ والأماكن المشهورة والتضاريس الجغرافية. الفريق الذي يتكون من خمسة شبان أتاحوا عملهم الفني الجديد على الشبكة العنكبوتية الذي يتمثل في خريطة فلسطين حرّة للأطفال. وتضم الخريطة 19 مدينة وموقعا فلسطينيا وهي: القدس، ورام الله، ونابلس، وبيت لحم، وجنين، وطولكرم، وأريحا والخليل وغزة والرملة وبئر السبع واللد والناصرة وطبريا وصفد وعكا وحيفا ويافا وبيسان. ولا تلقى الخريطة بالا بأي تحولات قامت بها دولة الاحتلال، حيث تتجاهل وجود مدن إسرائيلية وتتعاطي وكأن فلسطين امتداد للجغرافيا العربية سواء اللبنانية أو الأردنية أو السورية والمصرية، كما أنها تعمل على تقديم فلسطين بقالبها الثقافي والنباتي والعمراني. وعمم فريق العمل الخريطة التاريخية على شبكات التواصل الاجتماعي وبجودة عالية كي يتمكن أي فلسطيني أينما كان مكان وجوده من طباعتها وجعلها في متناول عائلته وأطفاله.
وتشير الفنانة التشكيلية إيمان أبو عرة، رسامة الخريطة، أن هذا العمل لا يستهدف فقط الفلسطينيين وأطفالهم، بل يتعداهم إلى العرب المهتمين، والأجانب المتعاطفين. إنها عمل فني حديث يمكن ان يتعامل معه أي إنسان يهوى الجمال ويريد أن يكتشف بقعة من الأرض. ويقدم العمل المُبدع فلسطين بروحها وحياتها ومعالمها، وهو نتاج عمل شبابي مشترك ومبدع قدم فيه كل شاب أفكاره وجهده ووقته وماله من أجل الوصول للنتيجة النهائية.
إبداع مميز
وجاء في بيان نشر العمل وإتاحته، أنهم يقدمونه بصيغته الأخيرة المُعدلة ليكون مشاعاً إبداعياً لفلسطين، مُتنازلين عما لهم من حقوق ملكية فيه، على أن تكون حقوق الطبع والنشر هي ملك فلسطين، كل فلسطين، آملين أن يكون لهذا العمل فائدة وخير للأجيال، وألا تتحول الخريطة لعمل تجاري، وأن تبقى متاحة للجميع، وأنهم يفضلون ويحبون أن يكون جزء من ريع هذا العمل عائدا على أعمال الخير والإحسان التي تخدم فلسطين والإنسانية، ويأملون أن تكون الخريطة متاحة بالمكتبات والمدارس والمؤسسات الثقافية
الناشط عمر عاصي قال إن حكايته مع الخريطة بدأت مُنذ حوالي 5 سنوات، خلال تجواله في مكتبات ومتاحف ألمانيا، حيث تكثر وتتميز خرائط الأطفال بأشكالها وألوانها البديعة، وهو ما جعله يطرح سؤالا على نفسه: لماذا لا تكون لدى أطفال فلسطين خريطة لطيفة ومبتكرة تعرفهم على بلادهم؟ وبدأ المشروع حسب عمر باختيار10 مدن رئيسية، ويقول: “قمنا بملاءمة معالم مهمة وأساسية وجذابة لكل بلد، وما يثير الأطفال من فاكهة تتميز بها بلادنا، وكانت الفكرة بعدم كتابة أسماء المدن على الخريطة من أجل استثارة فضول الأطفال وحثهم وذويهم على السؤال والبحث والاستكشاف (كنا سنقوم بإعداد مفتاح منفصل لها يشرح محتوياتها). ويتابع: “ونشرت النسخة الأولية للخريطة عام 2019 في ذكرى النكبة، ورغم كونها لم تكن النسخة النهائية، لكن من فرط إعجابنا وفرحتنا بها رأينا مشاركتها الجمهور وعلى أن نأخذ بعين الاعتبار الملاحظات والانتقادات”.
ندرة بالمصادر
رسامة الخريطة الفنانة التشكيلية أبو عرّة، التي درست الماجستير بتاريخ الفن في تركيا تقول إن أكبر دافع لأن تعمل على مشروع الخريطة تمثل في شح المصادر التثقيفية فيما يتعلق بفلسطين، “ما تعرضه الخريطة غير موجود في الخرائط التي تتحدث عن فلسطين، فبالعادة هناك خرائط جغرافية وخرائط طبيعية كثيرة، لكن الخرائط الإنسانية التي تظهر المعالم والثقافة والحياة فهي غير موجود إطلاقا. وترى أبو عرّة أن ما يميز هذه الخريطة هو عدم الاعتراف بالاحتلال فيها حيث أطلقت عليها اسم “خريطة اللا حدود اللا احتلال” ، إنها خريطة كاملة لفلسطين شمالا وجنوبا شرقا وغربا، من البحر إلى النهر، وإضافة إلى ذلك فهي “تعرض المعالم بطريقة تفاعلية بحيث تجعلك تتجول بعينيك وكأنك تسير في شوارع حقيقية من مدينة إلى مدينة” . وتضيف: المعالم فيها شبه حقيقية من أنهار ومسارات ومناطق أثرية وطبيعية، هي محاولة للعيش في الصورة، وهي بذلك مفيدة لنا، وكذلك لكل من يحب فلسطين لكونها تقدم فلسطين بجمالها الذي نعرفه وتنوعها الكبير، وهي بذلك تسرع في تلقي المعلومة للأجيال الصغيرة والأجيال التي تعيش على فلسطين من دون أن تراها. وتؤكد إيمان التي يشاركها العمل على المشروع زوجها المصمم الفلسطيني عمر زعلول، أن الأطفال يفضلون التعامل مع تصميمات مماثلة، “هذا أمر يبهرهم لكونه يعاين الواقع”. ويشير المصمم الفلسطيني عمر زغلول إلى أن نقطة قوة الخريطة هي أنها تصلح ان يتم التعامل معها وفق تصورات ورؤى فنية مختلفة، يمكن أن تكون على شكل صورة ملونة كبيرة الحجم توضع في غرف الأطفال، كما يمكن أن تكون تطبيقا على الأجهزة الذكية، ويمكن ان تتحول إلى لعبة مثل لعبة “الحية والسلم وحجر النرد، كما يمكن أن تكون مجسمات نافرة. إنها “تصميم طيع يجعلنا ننفتح على طرق حديثة في تقديم فلسطين للأطفال المهتمين. وقام الفريق الذي عمل على الخريطة بإتاحتها على الشبكة العنكبوتية من خلال رابط للتحميل بجودة عالية، غير أن الفريق يدرس الأن كيف يمكن توفيرها في المكاتب العامة والمتاجر ومعارض الكتب بحيث تتوفر بأسعار رمزية (ثمن تكلفة الطباعة) كي يتمكن من اقتنائها كل المهتمين.
المصمم الفلسطيني عمر زغلول الذي تابع العمل عن كثب وعمل عليه يرى ان التحدي الأهم الذي واجهه مع زوجته هو تحويل الأفكار من صورته التاريخية المسمطة الى صورة بصرية ناطقة من خلال العناصر الموجودة والمتوزعة على طول فلسطين مع المحافظة على الهوية التراثية للمناطق التي رسم، وان ربطها ودمجها من شمالها الى جنوبها بطريقة بصرية يتيح للمتلقي التجول من صفد شمالا الى بئر السبع جنوبا مرورا بالقدس ونابلس والمدن الاخرى ومرورا بالسهول والتلال للاطلاع على البيئة الغنية التي تتمتع بها فلسطين.
الكاتبة ورسامة أدب الأطفال أناستاسيا قرواني ترى في الخرائط الموجهة للأطفال أنها مهمة جداً وتحديدا في المراحل العمرية المبكرة، فهي تساعد الأطفال على تنمية مهاراتهم المكانية إضافة إلى تنمية مخزونهم من المفردات اللغوية والبصرية. وتضيف: المهارات المكانية مهمة جداً خاصة في ظل التطور والتوسع المستمر للمدن والبلدان، من هنا تأتي أهمية معرفة الطفل بقراءة الخرائط وتنمية مهاراته الإدراكية التي تساعده في فهم العالم من حوله والتكيف معه، إضافة إلى أنها طريقة ممتازة لإثراء الطفل من ناحية لغوية ومعرفية، ومساعدته على تنمية مهارات المنطق من حيث تكوين العلاقات المختلفة بين الأشياء (المكان، الموقع، المعالم المميزة، معلومات تاريخية، إلخ). وتتابع قرواني: تساعد هذه الخرائط الطفل على بناء شبكة من العلاقات بين الأشياء والمواضيع المختلفة. وبالطبع، تساعد الطفل على بناء علاقة بينه وبين الأماكن التي يتعرف عليها، وبخاصة في بلده وفي حال فلسطين، فهي ضرورة وحتمية لكونه يعيش في بلد مستهدف بشكل يومي في كل الجغرافيا التي يفترض أن يعيش عليها.
غزة – كتب عبدالله عمر
0 تعليقات