سلوك الطفل الديكتاتوري
الطفل الديكتاتوري غالبا ما يكون فوضويا لاستجيب للتعليمات الموجهة إليه، ومدمنا على الطلب وخبيرا في الإلحاح، ويمتلك شخصية متمردة يصر على تحكيم رأيه، كما أنه دائم الاحتجاج على كل شيء يراه أمامه، ويصنع من البكاء والصراخ وسيلة للضغط على أهله،
وغالبا ما يكون طفلا أنانيا محبا للسيطرة وعنيفا في تصرفاته، ولا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة متاعب الحياة لوحده، فكثرة الاتكال على الأهل تفقده الشخصية مستقلة.
وغالبا ما يميل إلى التمييز ولا يحب إلا نفسه، وهو بذلك أناني معاند لأقصى درجة، ولا يميز بين حاجياته ومتطلباته.
أبرز أسباب دكتاتورية الطفل
تحرص الأم بشدة على طفلها خوفا منها عليه من الإصابة بالأذى، وغالبا ما يكون هو طفلها الوحيد أو أنه آخر العنقود، واحتمال أن تكون رزقت به بعد فترة طويلة، أو أنها تشتغل خارج البيت فتشتاق إليه أثناء غيابها، فيتولد لديها شعورا بالتقصير، مما يجعلها تبالغ في تدليله أكثر من اللازم، وتعمل على تلبية كل طلباته فيتعود الطفل على هدا السلوك ليتحول فيما بعد إلى ديكتاتور صغير. والديكتاتورية تعتبر صفة طبيعية لدى سائر الأطفال، فكل واحد منهم على حدا يختبر البيئة المحيطة به، غير أنه يجهل حدوده فيتمادى في إصراره وعناده.
وفي الفترة ما قبل الروض، غالبا ما نجد الطفل يحاول فرض رأيه الذي يغلب عليه بشكل كبير طابع العصبية، فيقوم بما يشاء، وفي أي وقت يشاء.
ودكتاتورية الأطفال بطبعها صفة مكروهة، خصوصا حينما يكون مبالغا فيها، وتأتي في الغالب عن طريق التشبه بالكبار، فالآباء هم القدوة والمدرسة الحقيقية للطفل، لذالك نجده يلجأ إلى الإصرار على رأيه، متشبها بهما، في اللحظة التي يأمرانه فيها بفعل شيء معين أو الكف عن أمر ما دون إقناعه، فتبدأ رغبة الطفل في تأكيد ذاته بعيدا عن أية ضغوطات، كما أن الأم غالبا ما تقع في مصيدة بكاء الطفل وإصراره، فتضطر إلى تلبية طلبه وتفرط في تدليله، فيصبح البكاء والغضب أحد الأساليب التي تمكنه من تحقيق كل أغراضه ورغباته، هكذا تتولد داخله الديكتاتورية السلطوية.
ويتأثر الطفل بأوامر الكبار التي توجه إليه بصفة متكررة، وفي بعض الأحيان تكون قاسية، وتؤثر سلبا على نفسيته، مما يدفعه للجوء إلى العصبية وفرض رأيه بكل دكتاتورية.
سبل العلاج..
تلعب الأم دورا مهما في حياة طفلها، فتبعت في نفسيته الاطمئنان والشعور بالارتياح، وهي الإنسان الأنسب لحل مشكلته المتجلية في الدكتاتورية المفرطة، لذا ينبغي عليها إرشاده وإشعاره بضرورة الالتزام بالمرونة في تعاملاته، وأن سلوكه غير مقبول، ومنحه الوقت الكافي للتعبير عن ذاته، ومراقبة تصرفاته، وعدم تجاهل حالته النفسية، فإن كان طفلك ديكتاتوريا عودي طفلك على اتخاذ القرار والتدخل في الوقت المناسب حتى ينشأ طفلا مستقلا ومتعقلا، حتى لا يكون اتكاليا، وعليك ألا تقابلي مقاومته بمقاومة مضادة، واحرصي على إقناعه أن العصبية والعناد أمر يجعل الناس ينفرون منه، وشجعيه حتى يتدبر الأمر ويفهم كيف يتصرف في أموره بصورة سليمة، كما عليك أن تتجنبي كثرة التدليل الذي يفسد أخلاق الطفل ويعوده على العناد والديكتاتورية، وألا تتمادي في التساهل معه، كما يجب ألا تعتمدي على العقاب البدني أو العقاب اللفظي، الذي يفقد الطفل الثقة بالنفس، فيصبح عدوانيا إلى أبعد الحدود، وصعب المزاج.
طريقة فعالة للتعامل مع الديكتاتور الصغير
لا يدوم استبداد وديكتاتورية الأطفال إلى الأبد، فعليك كأم أن تتوصلي إلى طريقة مثالية، للتعامل مع ديكتاتوريته، حاولي قدر الإمكان تجنب الاختلاف مع طفلك، وكوني واقعية في التوفيق بين حاجياته ورغباته، كما عليك أن تعاملي بجدية في ما يخص الأمور الغير قابلة للنقاش والتفاوض بالرغم من معارضة الطفل، وكوني لطيفة في تعاملك معه وضعي في اعتبارك أن تكون طلباتك معقولة، وتعمدي التكرار الذي يعتبر أهم وسيلة لتعلم الطفل، واعلمي أن شخصيتك مرآة لطفلك، فتعاملك بعصبية يجعل منه طفلا متعصبا، في حين الهدوء والمعاملة المتعقلة تعوده على الالتزام، حددي قواعد تربوية له، واحرصي على الالتزام بها، هكذا يكبر طفلك على منهج تربوي معين كتحديد أوقات اللعب، والأكل، ومشاهدة التلفزيون، ووقت الدراسة وحتى وقت النوم.
واحرصي أيضا على عدم تجاهل طفلك حينما يبدي بلاء حسنا وكافئيه عليه وامدحيه، كما عليك أن تتذكري دائما أنه مهما كبر الطفل يبقى طفلا، ودائما لديك الوقت لإعادة ضبط سلوكه، فقط يلزمك القليل من الصبر، لأن الأمر قد يتطلب شهورا.
المسلك المتوقع للطفل الديكتاتوري
يتعرض الطفل الديكتاتوري إلى عدة مشاكل تظهر في الأساس لحظة بلوغه المرحة الدراسية الأولى، فيجد نفسه أمام صعوبات وتحديات، فهذا النوع من الأطفال يكون غير محبوب بالمدرسة، والسبب يرجع لأنانيته واستبداده، مما يجعله غير سعيد والأكثر إهمالا للواجبات المدرسية، وعادة الطفل المدلل من طرف والديه يكون غير قادر على مواجهة الحياة، فما إن يغادر بيته ينتابه شعور بالوحدة والعجز على فعل أي شيء، فتزداد عصبيته ويتمادى في عدوانيته على الآخرين، فيدخل كل يوم في صراع جديد، ومشاجرات في كل لحظة، مما يفرض عليه لزوم البيت ويفقده الرغبة في الخروج إلى أي مكان، ولو تعلق الأمر بالمدرسة، يشعر هدا النوع من الأطفال بالعجز عن الانسجام مع الناس ومخالطتهم، فحبه الزائد للذات يجعله يرى نفسه فقط على صواب وكلام الغير ليس إلا فراغا لا أساس له من الصحة.
ساعدي طفلك على التأقلم
ليس من السهل على الطفل الديكتاتوري الانسجام مع محيطه، غير أن الأمر ليس بالمستحيل، فقط عليك مساعدته وإشراكه في إحدى الرياضيات العنيفة التي تمتص الطاقة الموجودة فيه وتفرغها وتكسبه نوعا من الروح الرياضية، شرط أن تكون هذه الرياضة محبوبة لديه حتى يمارسها عن اقتناع، وهكذا ستتوسع له دائرة الصداقات، فيتعلم في كل يوم ميزة جديدة، تجعله محبوبا لدى الناس وتنقصه نوعا من أنانيته وعصبيته، ودعي طفلك يمارس هواياته ولا تكثري من التعليق على تصرفاته، واعرفي الأوقات التي يظهر فيها عدوانيته لتتجنبيها.
0 تعليقات