
يعالج المسلسل الرمضاني “جرح قديم” مواضيع اجتماعية حساسة تمس واقع المجتمع المغربي بكل وضوح وجرأة، وقد ركز بشكل خاص على قضية استغلال القاصرات من طرف رجال متقدمين في السن، وهي ظاهرة مؤلمة تتكرر في الخفاء وتخلف آثارا نفسية واجتماعية عميقة على الضحايا. هذا الاختيار الدرامي الجريء يعكس حرص صناع العمل على إثارة النقاش حول ظواهر تمس حياة العديد من الفتيات، كما يهدف إلى توعية الجمهور بخطورة هذه السلوكيات ومخلفاتها على براءة الطفولة.
وقد لقي المسلسل تفاعلا واسعا من قبل جمهور مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر كثير من المتابعين عن إعجابهم بالطرح الجريء الذي تبناه العمل، معتبرين أن عرض مثل هذه المواضيع ضروري لكشف المستور وتحذير الفتيات من الوقوع في شباك الاستغلال. كما أشاروا إلى أن تقديم هذه القضايا على الشاشة يسهم في كسر حاجز الصمت ويسلط الضوء على معاناة قد لا يراها الجميع لكنها موجودة في زوايا الواقع.
ومن بين أبرز مشاهد العمل تظهر شخصية “شيماء”، التي تجسدها الطفلة تسنيم شحام، وهي فتاة صغيرة تتعرف على رجل مسن في أواخر الخمسينات من عمره، يبدأ في التقرب منها وتلبية طلباتها بشكل متكرر، فتطلق عليه بلغة طفولية بريئة لقب “شوغر دادي”. ومع توالي الأحداث تتضح نوايا هذا الرجل الخفية، إذ يستغل جهل الطفلة وسذاجتها ويغلف أفعاله بمظاهر العطاء والاهتمام، ما يعكس واقعا مؤلما تعيشه بعض الفتيات في صمت.
يغوص المسلسل بشكل معمق في تفاصيل العلاقة بين هذا الرجل الطاعن في السن والفتاة الصغيرة، موضحا كيف يمكن استغلال الطفولة بطرق ملتوية تتخفى خلف المجاملة والهدايا، دون أن تثير الشكوك في البداية. ومن خلال هذا التصور، يسلط “جرح قديم” الضوء على خطورة استغلال العاطفة والفراغ الأسري الذي قد يدفع الفتيات نحو علاقات غير آمنة، تضعف وعيهن وتعرضهن للضرر النفسي والاجتماعي.
ولا يقتصر العمل على موضوع استغلال القاصرات فقط، بل يلامس مجموعة من القضايا الأخرى التي تشغل الرأي العام، منها موضوع السحر والشعوذة، الذي ما زال يؤثر في حياة العديد من الأسر، ويهدد استقرار العلاقات العائلية. وقد تناول المسلسل هذه الظاهرة من خلال قصص حقيقية تسلط الضوء على حجم التأثير النفسي والمعنوي الذي تسببه ممارسات الشعوذة، خاصة عندما تستخدم للإيذاء أو التفريق بين الأحبة.
كما يعالج المسلسل مواضيع لا تقل أهمية، من بينها خطف الأطفال وما يرافقه من خوف دائم لدى الأسر، حيث قدم نماذج واقعية توضح كيف يتم اختطاف الأطفال في لحظات غفلة، وما ينتج عن ذلك من معاناة للأهل والمجتمع. إضافة إلى ذلك، تناول العمل خطورة الرفقة السيئة التي تؤدي بالشباب والمراهقين إلى الانحراف، إلى جانب ظاهرة استغلال الأطفال في السرقة من طرف شبكات إجرامية تستغل فقرهم وضعفهم، مما يحولهم إلى ضحايا في مسارات مظلمة تبدأ بالسرقة وتنتهي بالإدمان أو السجن.
وقد تميز “جرح قديم” بجودة عالية في الإخراج وتمثيل متقن من مختلف الشخصيات، مما جعله ينال إعجاب جمهور واسع، ويعتبر من بين أبرز الأعمال الدرامية التي أثارت الانتباه خلال شهر رمضان. فقد نجح في إيصال رسائل اجتماعية قوية دون اللجوء إلى أساليب مباشرة، وترك للمشاهد مساحة للتفكير وإعادة النظر في بعض الممارسات المسكوت عنها في المجتمع.
التدوينة “جرح قديم” يكشف المستور ويروي مآسي القاصرات في دراما رمضانية جريئة ظهرت أولاً على LalaMoulati.Net.
0 تعليقات