محمد وأخلاقيات الشرف

ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬الهجري،‭ ‬ونفحات‭ ‬الاحتفالات‭ ‬بمولده‭ ‬الطاهر،‭ ‬ولا‭ ‬زال‭ ‬محمد‭ ‬عليه‭ ‬أفضل‭ ‬الصلوات‭ ‬وأزكى‭ ‬التسليم‭  ‬يتبث‭ ‬له‭ ‬ويتربع‭ ‬على‭ ‬العظمة‭ ‬الدائمة،‭ ‬والتكريم‭ ‬المبجل‭ ‬والمكانة‭ ‬الرفيعة‭ ‬والمقام‭ ‬المحمود‭  ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬حبهم‭ ‬لأنبياء‭ ‬الله،‭ ‬وخاصة‭ ‬سيد‭ ‬العرب‭ ‬والعجم‭ ‬حبيبنا‭ ‬محمد‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬ﷺ،‭ ‬وشغفهم‭ ‬وشوقهم‭ ‬لرؤيته،‭ ‬ولو‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭ ‬والمنام،‭ ‬وكم‭ ‬نسمع‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬على‭ ‬رؤيته‭ ‬في‭ ‬النوم‭ ‬وتوجيهاته‭ ‬يسعد‭ ‬بها‭ ‬المحب‭ ‬العاشق‭ ‬الولهان،‭  ‬وتكون‭ ‬له‭ ‬علامة‭ ‬وبشارة‭ ‬يعيش‭ ‬بها‭ ‬أبد‭ ‬الدهر‭. ‬كما‭ ‬نعتقد‭ ‬جازمين‭ ‬أن‭ ‬رؤيته‭ ‬للنبي‭ ‬محمد‭ ‬العظيم‭ ‬ﷺ،‭ ‬لا‭ ‬تثبت‭ ‬إلا‭ ‬بصفاته‭ ‬الصحيحة‭ ‬والحقيقية،‭ ‬وأن‭ ‬غيرها‭ ‬تنسب‭ ‬إليه‭ ‬زورا‭ ‬وبهتانا،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬المبركة‭ ‬والكاريكاتير‭ ‬المرسومة‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬تتمثل‭ ‬به‭ ‬ﷺ،‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬عناد‭ ‬مقيت‭ ‬لتشويه‭ ‬صورته،‭ ‬وإزدراء‭ ‬بمكانته،‭ ‬وانتهاك‭ ‬لمشاعر‭ ‬محبيه‭ ‬ومقدساتهم،‭ ‬أكيد‭ ‬لا‭ ‬تفاوض‭ ‬على‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬ﷺ‭ ‬ووجوب‭ ‬محبته‭ ‬الإقتداء‭ ‬به‭ ‬واتباع‭ ‬دينه‭ ‬والتمسك‭ ‬بشريعته‭ ‬والإنقياذ‭ ‬لتعاليمه،‭ ‬ثم‭ ‬تأتي‭ ‬الإحتجاجات‭ ‬والتظاهرات‭ ‬بالمسالك‭ ‬الحضارية‭ ‬والطرق‭ ‬السلمية،‭ ‬وبعدها‭ ‬المقاطعة‭ ‬الشاملة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والسياسية‭ ‬والإقتصادية‭. ‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬الشعوب‭ ‬المسلمة‭ ‬فوارة‭ ‬دون‭ ‬الحكام‭ ‬المطبعة،‭ ‬وقد‭ ‬تصدر‭ ‬قول‭ ‬الخطاب‭ ‬رئيس‭ ‬تركيا،‭ ‬ثم‭ ‬التنديد‭ ‬بالبيان‭ ‬والبلاغ‭ ‬كالأردن‭ ‬والمغرب‭ ‬وغيرها‭ ‬تباعا،‭ ‬والدعوى‭ ‬الى‭ ‬المقاطعة‭ ‬الإقتصادية‭ ‬للمنتوجات‭ ‬المختلفة،‭ ‬أبانت‭ ‬على‭ ‬ضعف‭ ‬المتهجم‭ ‬وارتباكه،‭ ‬وأننا‭ ‬وللأسف‭ ‬الشديد‭ ‬أمة‭ ‬مستهلكة،‭ ‬مجرد‭ ‬أسواق‭ ‬نستورد‭ ‬ولا‭ ‬ننتج‭ ‬ونستهلك‭ ‬ولا‭ ‬نصنع‭… ‬

إن‭ ‬التهجم‭ ‬على‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬هو‭ ‬تهجم‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬وانبعاثه‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬دون‭ ‬الحيلولة‭ ‬لإيقاف‭ ‬مَدِّهِ،‭ ‬لكن‭ ‬العقلاء‭ ‬والحكماء‭ ‬من‭ ‬بني‭ ‬جلدتهم،‭ ‬ينددون‭ ‬بهذه‭ ‬التصرفات‭ ‬الذميمة،‭ ‬والأفعال‭ ‬المقيتة‭ ‬وعواقبها‭ ‬الوخيمة،‭ ‬اجتماعيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬وسياسيا‭ ‬وحقوقيا،‭ ‬إنها‭ ‬تحبط‭ ‬الحريات‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة،‭ ‬وتفسد‭ ‬مفهوم‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬وتزكي‭ ‬العنصرية‭ ‬والسلوكات‭ ‬الطائشة،‭ ‬وتغذي‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتطرف،‭ ‬بل‭ ‬يعتنق‭ ‬خيارهم‭ ‬أفواجا‭ ‬دين‭ ‬محمد‭ ‬ﷺ،‭ ‬وينتشر‭ ‬في‭ ‬الNفاق‭ ‬سننه‭ ‬وتعاليمه،‭ ‬وتدرس‭ ‬أفكاره‭ ‬وأقواله‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الغربية‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والعلمية‭ ‬والإستراتيجية،‭ ‬وما‭ ‬كثرةُ‭ ‬بناء‭ ‬المساجد‭ ‬والمراكز‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬وتحجيمها،‭ ‬وتخوفهم‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬الٱذان‭ ‬بها،‭ ‬إلا‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬انتشاره‭ ‬وقبول‭ ‬فئة‭ ‬عريضة‭ ‬بالدين‭ ‬الإسلامي،‭ ‬والرضا‭ ‬به‭ ‬قناعة‭ ‬وطمانينة‭ ‬وطواعية‭ ‬وما‭ ‬تتويج‭ ‬وتمكين‭ ‬بعض‭ ‬الشخصيات‭ ‬ذات‭ ‬التوجه‭ ‬الإسلامي‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬العليا‭ ‬إلا‭ ‬برهان‭ ‬جلي‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬وصلابة‭ ‬دين‭ ‬الحبيب‭ ‬محمد‭ ‬ﷺ،‭ ‬وكيف‭ ‬تنظر‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وهو‭ ‬يقدم‭ ‬العالم‭ ‬المغربي‭ ‬منصف‭ ‬السلاوي‭ ‬للعالم‭ ‬وكأنه‭ ‬المنقذ‭ ‬للبشرية‭ ‬جمعاء‭ ‬من‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬وكيف‭ ‬تحكم‭ ‬على‭ ‬تولي‭ ‬مريم‭ ‬بوجيت‭ ‬الطالبة‭ ‬المسلمة‭ ‬بحجابها‭ ‬رئاسة‭ ‬الإتحاد‭ ‬العام‭ ‬لطلبة‭ ‬فرنسا،‭ ‬وكيف‭ ‬ترى‭ ‬موقف‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬عند‭ ‬استقبال‭ ‬الصحفية‭ ‬الفرنسية‭ ‬المختطفة‭ ‬مريم‭ ‬بترونين،‭ ‬وهي‭ ‬تعلن‭ ‬إسلامها،‭ ‬أو‭ ‬عند‭ ‬زيارته‭ ‬للعالِم‭ ‬البيولوجي‭ ‬الفرنسي‭ ‬البروفيسور‭ ‬راؤول‭ ‬ديدييه،‭ ‬وتفاجئه‭ ‬بوجود‭ ‬باحثين‭ ‬مسلمين‭ ‬ومحجبات‭ ‬في‭ ‬المختبر‭ ‬الوطني‭ ‬الفرنسي‭… ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى،‭ ‬وبراهين‭ ‬أخرى‭ ‬تفول‭ ‬معها‭ ‬الديانات‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬وتتجاهل‭ ‬عند‭ ‬أبنائها‭ ‬وتتجثت‭ ‬الحضارات‭ ‬وتتبدد‭ ‬وتنقرض‭. ‬

وإن‭ ‬كان‭ ‬إنشغال‭ ‬الأمة،‭ ‬وإلهاؤها‭ ‬بخطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬والعدائية‭ ‬للرئيس‭ ‬الفرنسي،‭ ‬لا‭ ‬ننسى‭ ‬قضايا‭ ‬الساعة‭ ‬الساخنة،‭ ‬وعدم‭ ‬الإحفال‭ ‬بالمواقف‭ ‬الآمريكية‭ ‬وسرعة‭ ‬تنفيذ‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‭ ‬من‭ ‬تفرقة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وكثرة‭ ‬خصوماتها‭ ‬ونزاعاتها،‭ ‬وتراكم‭ ‬حروبها‭ ‬واجثتاتها،‭ ‬والتطبيع‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الغاصب،‭ ‬والقضايا‭ ‬الوطنية‭ ‬المشتعلة‭ ‬من‭ ‬تقوية‭ ‬جيراننا‭ ‬لشرذمة‭ ‬المضللين،‭ ‬والأزمة‭ ‬الإقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬فيرجى‭ ‬الإنتباه‭ ‬والإهتمام‭ ‬بكل‭ ‬القضايا‭ ‬الساخنة‭ ‬المطروحة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬السواء،‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تتجزأ‭ ‬ولا‭ ‬تغفل،‭ ‬أما‭ ‬محمد‭  ‬ﷺ‭ ‬لا‭ ‬يخدش‭ ‬في‭ ‬مكانته،‭ ‬والله‭ ‬سبحانه‭ ‬تولى‭ ‬حفظه‭ ‬وعصمته‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬‮«‬إنا‭ ‬كفيناك‭ ‬المستهزئين‮«‬،‭ ‬‮«‬والله‭ ‬يعصمك‭ ‬من‭ ‬الناس‮»‬،‭ ‬‮«‬إلا‭ ‬تنصروه‭ ‬فقد‭ ‬نصره‭ ‬الله‮»‬،‭ ‬‮«‬إنا‭ ‬شانئك‭ ‬هو‭ ‬الابتر‮«‬‭.‬

كتب: نور الدين ودي

إرسال تعليق

0 تعليقات